
خلايا إيران في الجنوب السوري: ورقة ضغط إسرائيلية أم تهديد أمني حقيقي؟
خلايا إيران في الجنوب السوري: ورقة ضغط إسرائيلية أم تهديد أمني حقيقي؟
خلايا إيران في الجنوب السوري:عملية القنيطرة وإعادة فتح الملف
أعاد إعلان جماعة مغمورة تُطلق على نفسها “المقاومة الوطنية في سوريا – كتيبة الشهيد أحمد مريود” مسؤوليتها عن تفجير استهدف موقعاً عسكرياً في ريف القنيطرة، الجدل حول حقيقة وجود خلايا مرتبطة بإيران في الجنوب السوري· وبينما أعلنت الجماعة أن هدفها “مواجهة الاحتلال الإسرائيلي”، نفى أهالي القنيطرة أي صلة لهم بها، معتبرين البيان محاولة لإثارة الفوضى من فلول النظام السابق·
هذا التباين في الروايات ألقى الضوء مجدداً على ملف طالما استخدمته تل أبيب لتبرير تدخلاتها العسكرية داخل سوريا·
إسرائيل والتهويل الأمني
تصف إسرائيل هذه المجموعات بأنها تهديد وجودي يستدعي ضربات استباقية داخل العمق السوري· فقد أعلنت في أيلول/سبتمبر الماضي اعتقال ضابط سوري وعدد من العناصر بزعم ارتباطهم بفيلق القدس الإيراني· كما تحدثت تقاريرها عن خلايا تعمل تحت إشراف “الوحدة 840″، وتخطط لعمليات ضد أهداف إسرائيلية·
لكن مراقبين يرون أن تل أبيب تبالغ في تصوير هذه الخلايا، وتستثمرها كورقة ضغط لتبرير استمرار تدخلها العسكري، وإعادة رسم قواعد الاشتباك في الجنوب·
دمشق وهاجس الاستقرار الداخلي
على الضفة الأخرى، تركز الحكومة السورية على التعامل مع هذه الخلايا من زاوية أمنية داخلية· وزارة الداخلية أعلنت مراراً عن اعتقال مجموعات تابعة لحزب الله والحرس الثوري، سواء في ريف دمشق أو البوكمال أو حتى في السيدة زينب· الرسالة الرسمية السورية واضحة: ضبط الأمن الداخلي ومنع أي تهديد يعطل مسارها الانتقالي أو يجر البلاد لمواجهة مفتوحة مع إسرائيل·
جذور الملف وأبعاد النفوذ الإيراني
تاريخياً، تعود جذور الحديث عن هذه الخلايا إلى عام 2018 حين أسس الحرس الثوري ما سُمّي بـ”وحدة الجولان”· ورغم مقتل قائدها وسام الطويل مطلع 2024، لا تزال إسرائيل تؤكد استمرار نشاطها·
في المقابل، رصدت تقارير دولية بروز جماعات جديدة بعد سقوط النظام، مثل “جبهة المقاومة الإسلامية – أولي البأس”، التي تبنت خطاباً وشعارات قريبة من حزب الله، لكنها بدت في الميدان أقل تنظيماً مما تصوره بياناتها·
أهداف إيران من دعم الخلايا
تبدو طهران حريصة على إبقاء أوراق نفوذها داخل سوريا حتى بعد خسارة حليفها الرئيسي. بعض المجموعات الصغيرة تستخدم كأدوات ضغط لعرقلة أي تسوية سياسية. وتمنح إسرائيل الذريعة لمواصلة تدخلها· وبحسب محللين، فإن دور هذه الخلايا يقتصر في الوقت الحالي على جمع المعلومات والتسليح المحدود. دون قدرة حقيقية على تشكيل تهديد استراتيجي واسع·
التعقيد الأمني بين دمشق وتل أبيب
يتحول ملف الخلايا الإيرانية في الجنوب السوري إلى نقطة اشتباك مزمنة بين دمشق وتل أبيب:
إسرائيل تعتبرها تهديداً مباشراً وتستخدمها لتبرير هجماتها·
الحكومة السورية تراها خطراً داخلياً وتسعى إلى تفكيكها لاحتواء الملف وتجنب مواجهة مفتوحة·
المعادلة تجعل الجنوب السوري ساحة توتر دائم، حيث يستغل كل طرف هذا الملف لخدمة أجنداته. إسرائيل لتكريس شرعية تدخلها، وإيران للإبقاء على أوراق ضغطها، ودمشق لضمان استقرارها ومنع أي استقطاب إقليمي يهدد أمنها·
خلاصة
خلايا إيران في الجنوب السوري:يبقى السؤال مطروحاً: هل تمثل هذه الخلايا تهديداً أمنياً فعلياً، أم مجرد ورقة تستغل في لعبة النفوذ الإقليمي؟. ما هو مؤكد أن الجنوب السوري سيظل ساحة تجاذب بين مشاريع متناقضة. وأن الملف لن يطوى بسهولة طالما بقيت إسرائيل وإيران في حالة صراع مفتوح على الأرض السورية.
إقراء المزيد:
تركيا ومراقبة ملف دمج قسد: قراءة في الموقف وأبعاده السياسية
أنفاق منبج وتل رفعت:تركيا تعلن تدمير أنفاق “قسد” بطول 642 كيلومتراً: رسائل عسكرية وسياسية متشابكة