
انتقادات وجدل حول تأهيل جبل قاسيون.. مشروع استعادة أم تشويه لمعْلم دمشق الأبرز؟
انتقادات وجدل حول تأهيل جبل قاسيون:يثير مشروع إعادة تأهيل جبل قاسيون في دمشق موجة من الجدل الواسع بين السوريين، مع تصاعد الانتقادات حول غياب الشفافية وضبابية التفاصيل المتعلقة بالمشروع، الذي يطال أحد أبرز المعالم الطبيعية والتاريخية في العاصمة السورية. وبين مؤيد يرى في الخطوة استعادة لأحد رموز المدينة، ومعارض يخشى تشويه الهوية البصرية للجبل، يبقى السؤال الأهم: إلى أين تتجه قاسيون بعد سقوط النظام؟
قاسيون يعود لأهله.. ولكن كيف؟
منذ أن استعاد السوريون جبل قاسيون بعد أكثر من 14 عاماً من الإغلاق العسكري، تحوّل الجبل إلى وجهة محببة لآلاف الزوار، وتحوّلت قِمته إلى رمز لانطلاق عهد جديد بعد سنوات من القمع والدمار. إلا أن الفرحة لم تكن مكتملة، فقد بدأت التساؤلات تُطرح حول المشاريع التي تُنفّذ على الجبل، خاصة بعد تداول مقاطع مصوّرة تُظهر ورشات بناء تعمل في إنشاء منشآت سياحية وتجارية، ما أثار قلق الأهالي والمهندسين والمهتمين بالحفاظ على هوية المكان.
ما حقيقة ما يحدث على قمة الجبل؟
في البداية، اكتفت محافظة دمشق بالإعلان عن خطة “لإعادة قاسيون إلى رونقه”، متحدثةً عن أعمال صيانة وتأهيل للبنية التحتية، وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب إنشاء مرافق ترفيهية وخدمية. غير أن الإعلان بقي عامًا ومبهمًا، دون توضيح طبيعة الاستثمارات أو الجهات المنفذة.
الجدل تصاعد أكثر بعد تصريحات إعلامية تحدثت عن إنشاء فندق خمس نجوم ومجمع تجاري فوق قمة الجبل، ما أثار استهجانًا واسعًا، ودفع بالكثيرين إلى المطالبة بوقف المشروع حتى كشف تفاصيله كاملة.
تحذيرات فنية ومخاوف بيئية
من أبرز الانتقادات ما جاء على لسان المهندس السوري حازم الخطيب، الذي حذّر من مخاطر استمرار المشروع دون دراسات جيولوجية كافية. وأوضح أن ميول السفوح ونوع التربة تجعل من قاسيون منطقة حساسة للغاية، وقد يؤدي أي استثمار إنشائي غير مدروس إلى انهيارات تهدد سلامة الزوار والسكان على حد سواء.
وحذّر الخطيب من أن وجود مساكن عشوائية أسفل الجبل، مع غياب شبكة صرف صحي مناسبة أو دراسة متكاملة، يُمكن أن يؤدي إلى كوارث بيئية وإنشائية، داعياً إلى وقف الأعمال بشكل فوري إلى حين إجراء تقييم شامل من جهة علمية مستقلة.
محافظة دمشق ترد: “الشفافية قادمة”
رداً على موجة الانتقادات، أصدرت محافظة دمشق بياناً تفصيلياً أكدت فيه أن المشروع لا يتضمن إنشاء مبانٍ جديدة، بل يقتصر على ترميم وتدعيم المنشآت القديمة، مثل مبنى “لا مونتانا” الشهير، وتحسين البنية التحتية وفق معايير السلامة.
وأضاف البيان أن المشروع يشمل إنشاء مصاطب عائلية مجانية، وجلسات مفتوحة باستخدام مواد طبيعية، وتنفيذ جدران استنادية لحماية السفوح، وشبكة تصريف حديثة لتفادي التهتك والانزلاقات، مؤكدة أن الهدف هو جعل قاسيون متنفساً آمناً وجاذباً لجميع السوريين.
كما تعهدت المحافظة بإطلاق مزايدات علنية قريبًا للإعلان عن الاستثمارات وفق “مبدأ الشفافية والنزاهة”، على حد تعبيرها.
بين قلق المواطنين وأمل التنمية.. مستقبل الجبل مفتوح على الاحتمالات
رغم التوضيحات الرسمية، لا تزال الشكوك تحوم حول مشروع تأهيل قاسيون. فالمكان الذي شهد قصفًا دامياً خلال الثورة السورية، وتحول إلى ثكنة عسكرية تطلق منها الصواريخ نحو الغوطة وسكان دمشق، يحمل رمزية كبيرة في الذاكرة الجمعية للسوريين، وبالتالي، فإن أي محاولة لتحويله إلى مركز استثمار تجاري أو سياحي دون تشاركية مع المجتمع، قد تُفهم على أنها تكرار لنفس العقلية السابقة في إدارة البلاد.
في المقابل، هناك من يرى أن قاسيون يستحق التطوير، بشرط أن يحترم هويته الطبيعية وتاريخه، ويخدم جميع السوريين، لا أن يُسلّم مجددًا إلى مستثمرين بلا شفافية، فيتم تشويهه باسم التنمية.
خاتمة: بين الشفافية والغموض.. من يقرر مصير الجبل؟
يبقى مصير مشروع قاسيون معلقًا بين الوعود الحكومية التي تتحدث عن الأمان والاستدامة، وبين مطالب السوريين بضمان الشفافية والمشاركة الشعبية في إدارة معالمهم التاريخية. فالجبل ليس مجرد موقع سياحي، بل ذاكرة وطنية حيّة، لا تحتمل المجازفة أو التلاعب.
هل ستفي محافظة دمشق بوعدها؟ أم سيكون قاسيون
إقراء المزيد
برنامج إيران النووي وتأثيره الإقليمي: مقارنة لمسارات خمس دول نحو القنبلة
تصعيد التوتر بين إسرائيل وإيران.. الولايات المتحدة تعزز قواتها الجوية في الشرق الأوسط
درعا والقنيطرة تحت النار: كيف أصبحت بوابة للصواريخ والمسيّرات الإيرانية؟
اعتقال رئيس أمن الدولة في دير الزور بتهم جرائم حرب وسرقة نفط
هل تتحول إيران إلى تشيرنوبيل جديدة؟ خبراء يحذرون الشرق الأوسط على حافة إشعاع نووي