
بعد سنوات من التهميش.. هل تنتعش السياحة في الساحل السوري؟
السياحة في الساحل السوري
مقومات طبيعية غير مستغلة
يعتبر الساحل السوري من أهم الوجهات السياحية في البلاد، نظرًا لمناخه المعتدل، وطبيعته الخلابة، وتنوعه الجغرافي، إضافةً إلى موقعه الاستراتيجي القريب من لبنان وتركيا. ورغم توفر هذه المقومات، إلا أن القطاع السياحي في سوريا عامةً، وفي الساحل خاصةً، ظل يعاني من الإهمال وسيطرة المتنفذين، مما حال دون استثماره بالشكل الأمثل.
قبل الثورة، كانت السياحة تساهم بنسبة 14% من الناتج القومي الإجمالي لسوريا، حيث كانت تجذب المواقع الأثرية والتاريخية في تدمر ودمشق القديمة، إضافةً إلى المنتجعات الساحلية، أعدادًا كبيرة من السياح. لكن بعد سنوات من التدهور، هل يشهد الساحل السوري نهضة سياحية جديدة؟
أبرز الوجهات السياحية في الساحل السوري
برج سلام (صليب التركمان)
يُعرف هذا الشاطئ بجماله الفريد، حيث يتميز بمياهه الصافية ورماله الذهبية، إلى جانب التكوينات الصخرية الفريدة التي تزيد من جاذبيته. إلا أن المنطقة كانت محتكرة من قبل شخصيات نافذة، مما أعاق الاستثمار فيها. ومع التغيرات السياسية، يترقب سكان المنطقة استثمارات جديدة تعيد إحياء هذا الشاطئ وتحوله إلى وجهة سياحية عالمية.
كسب.. جو معتدل شتاءً وصيفًا
تُعدّ كسب من أجمل مناطق ريف اللاذقية الشمالي، حيث تتميز بمناخها اللطيف صيفًا وتراكم الثلوج شتاءً، ما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والتزلج. وباستغلال هذه المنطقة بالشكل الصحيح، عبر بناء المنتجعات وتطوير أنشطة الثلوج وإنشاء تلفريك، يمكن أن تصبح كسب من أبرز الوجهات السياحية الشتوية في المنطقة.
مشقيتا.. جمال الطبيعة وسحر البحيرات
تشتهر مشقيتا بطبيعتها الساحرة، حيث تضم غابات كثيفة وبحيرة صناعية زادت من سحرها. ورغم محاولات الأهالي استثمار المنطقة سياحيًا، إلا أن نقص الدعم الحكومي حال دون تطويرها بالشكل المطلوب. ومع تغير الظروف، يأمل السكان في تبني مشاريع حكومية تعزز من جاذبيتها السياحية وتوفر الخدمات الضرورية للسياح.
أوغاريت.. أقدم أبجدية في العالم
تعدّ منطقة أوغاريت (رأس شمرا) من أهم المواقع الأثرية في سوريا، حيث قدمت للعالم أقدم أبجدية مكتوبة. لكن رغم قيمتها التاريخية، فإنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي. يمكن للحكومة الجديدة استثمار هذه المنطقة عبر تطوير البنية التحتية، وتأمين المرشدين السياحيين، وإطلاق حملات ترويجية لاستقطاب السياح المهتمين بالتاريخ والثقافة.
إحياء التراث والاستثمار في القلاع التاريخية
يضم الساحل السوري عددًا من القلاع التاريخية مثل قلعة صلاح الدين، وقلعة المهالبة، وقلعة أرواد. ورغم أهميتها، لم يتم استثمارها بالشكل الأمثل. يمكن تحويل هذه القلاع إلى مراكز للنشاطات الثقافية، واستضافة المهرجانات، إلى جانب افتتاح مطاعم وفنادق داخلها، مما سيعزز من جاذبيتها السياحية ويوفر فرص عمل لسكان المنطقة.
السياحة العلاجية.. مستقبل واعد
مع تزايد الإقبال العالمي على السياحة العلاجية، يمكن استثمار جبال الساحل السوري لإنشاء مراكز علاجية متخصصة، مستفيدة من الهواء النقي والطبيعة الخلابة. ومع توفر أطباء سوريين أكفاء وتكاليف علاج أقل من الدول المجاورة، يمكن لهذا القطاع أن يحقق انتعاشًا كبيرًا.
إعادة تأهيل الكورنيش البحري
في معظم الدول الساحلية، تُعتبر الواجهة البحرية وجهة سياحية رئيسية تضم منتجعات ومرافق ترفيهية. إلا أن الكورنيش البحري في المدن الساحلية السورية يعاني من الإهمال. مع الخطط الحكومية القادمة، هناك آمال بتحويل هذه الواجهات إلى مراكز جذب سياحي، وبناء منتجعات شاطئية حديثة تضاهي نظيراتها في الدول المجاورة.
السياحة بوابة لإنعاش الاقتصاد وتوفير فرص العمل
تنشيط السياحة في الساحل السوري لن ينعكس إيجابًا على الاقتصاد فقط، بل سيوفر آلاف فرص العمل في الفنادق والمطاعم وشركات النقل والأنشطة السياحية. كما سيساهم في تعزيز الصناعات الحرفية والترويج للمنتجات المحلية، مما يحقق استقرارًا اقتصاديًا واجتماعيًا على المدى الطويل.
خلاصة
يملك الساحل السوري مقومات سياحية هائلة لم تستغل بالشكل المطلوب. ومع التوجهات الجديدة، هناك فرصة حقيقية لإعادة إحياء القطاع السياحي، وجذب الاستثمارات، وتحويل الساحل إلى وجهة سياحية عالمية. فهل تشهد السنوات القادمة انطلاقة جديدة لهذا القطاع بعد سنوات من التهميش؟
إقراء ايضا:
السياحة في سوريا بعد الحرب: فرص جديدة لصناعة السياحة في دمشق