
اختتمت أعمال مؤتمر باريس بشأن سوريا، الذي عُقد يوم الخميس 14 فبراير 2025، بتعهدات من نحو 20 دولة عربية وغربية لدعم جهود إعادة بناء سوريا وحماية المرحلة الانتقالية في البلاد في مواجهة التحديات الأمنية والتدخلات الخارجية.
في ختام المؤتمر، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، عن الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل دولية بهدف تنسيق الجهود لدعم سوريا خلال المرحلة المقبلة، في خطوة من شأنها تعزيز التعاون بين الدول المانحة والجهات السورية ذات العلاقة. وقال بارو إن الدول المشاركة في المؤتمر توصلت إلى قرار بالعمل تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل تقديم المساعدة الفاعلة لسوريا في مساعيها لإعادة الإعمار. وأكد أن البيان الختامي للمؤتمر يعكس اقتناع الشركاء بأن نجاح سوريا واستقرارها يصب في مصلحة الجميع على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أن هذا التعاون بين الدول والمجتمع الدولي يهدف إلى تمهيد الطريق أمام سوريا للتعافي من سنوات الحرب المدمرة، مع التركيز على تيسير عملية الانتقال السياسي وتنفيذ الإصلاحات الضرورية في مختلف المجالات. كما شدد بارو على أن فرنسا تعمل مع الاتحاد الأوروبي على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بشكل سريع، مع تحديد آليات جديدة تضمن استفادة الشعب السوري من الدعم الدولي دون تأخير.
وقد شارك في المؤتمر ممثلون عن عدة دول من العالم العربي والغربي، بما في ذلك الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية، ما يعكس أهمية الحدث في تحديد مسار التعاون الدولي في مسألة إعادة بناء سوريا. وركز المؤتمر على كيفية ضمان الأمن والاستقرار في سوريا، وتنسيق الجهود الدولية لدعم عملية الانتقال السياسي التي يقودها السوريون أنفسهم.
في كلمته الختامية، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهمية محاربة الإرهاب في سوريا. وأعلن أن فرنسا مستعدة لبذل المزيد من الجهود لضمان عدم عودة الجماعات الإرهابية إلى البلاد، لا سيما تلك التي تتلقى الدعم من إيران. واعتبر ماكرون أن سوريا تواجه تحديات كبيرة تتطلب تعاونًا دوليًا حازمًا، لا سيما في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب، مضيفًا أن سوريا يجب أن تكون خالية من الجماعات المتشددة التي تهدد أمن المنطقة برمتها.
كما تناول الرئيس الفرنسي قضية العلاقة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث أكد على ضرورة دمج هذه القوات في الجيش السوري كجزء من عملية التسوية السياسية. وأشار ماكرون إلى أن هذا الدمج سيساهم في تعزيز جهود محاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة بشكل عام. واعتبر أن التعاون بين جميع الأطراف السورية هو خطوة أساسية لتحقيق هذا الهدف، مع التأكيد على أن أي تسوية سياسية يجب أن تشمل جميع مكونات المجتمع السوري.
وعلى هامش المؤتمر، تم التطرق أيضًا إلى الدور الهام الذي يجب أن تلعبه الأمم المتحدة في ضمان تنفيذ القرارات المتخذة في المؤتمر، مع التأكيد على ضرورة أن تظل جميع المساعدات الإنسانية والاقتصادية المقدمة لسوريا مشروطة بتحقيق تقدم في العملية السياسية. وفي هذا السياق، شددت بعض الدول على أهمية احترام حقوق الإنسان وحريات المواطنين السوريين، والضغط على الحكومة السورية لتلبية مطالب الشعب في إطار الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
من جانبها، أعربت بعض الدول العربية عن دعمها لجهود المجتمع الدولي في إعادة إعمار سوريا، مع التأكيد على أهمية استعادة الأمن في جميع أنحاء البلاد. وأشار بعض المشاركين إلى ضرورة أن تكون العملية الانتقالية شاملة وأن تضم جميع الأطراف السورية، بما في ذلك المعارضة والمكونات الكردية، لضمان استدامة السلام والتعايش بين مختلف فئات الشعب السوري.
وفي نهاية المؤتمر، أُعلن عن توافق الدول المشاركة على تعزيز الدعم المالي والتقني لسوريا، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الطاقة، التعليم، والبنية التحتية. كما تم التأكيد على ضرورة ضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في ظروف آمنة وطوعية، مع تقديم الدعم اللازم لتأهيلهم للعودة والاندماج في المجتمع السوري.
ومع اختتام المؤتمر، عبرت الدول المشاركة عن أملها في أن يشهد العام المقبل خطوات ملموسة نحو إعادة الإعمار، مؤكدة على التزامها بمواصلة الدعم السياسي والاقتصادي لسوريا بما يضمن نجاح العملية الانتقالية وحماية مصالح جميع الأطراف في المنطقة.