
رفع القيود التجارية بين سوريا وتركيا: التحديات والفرص الاقتصادية
رفع القيود التجارية بين سوريا وتركيا: التحديات والفرص الاقتصادية
في خطوة هامة لفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا، أعلنت وزارة التجارة التركية عن رفع القيود التي كانت مفروضة على تصدير البضائع والمنتجات السورية إلى الأسواق التركية. كما شمل القرار أيضًا إعادة تفعيل حركة تصدير البضائع عبر الأراضي التركية إلى الدول الأخرى. هذا القرار دخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 12 فبراير 2025، ويأتي بعد فترة طويلة من توقف التجارة بين البلدين، خاصة بعد اندلاع الأزمة السورية.
زيارة الرئيس السوري ودورها في القرار
القرار التركي جاء بعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا، حيث تم بحث العديد من الملفات الأمنية والاقتصادية بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. هذه الزيارة تزامنت أيضًا مع محادثات عن إحياء اتفاقية “التجارة الحرة” التي كانت قد وُقِعت بين البلدين في عام 2004، لكن توقفت بعد اندلاع الثورة السورية.
أردوغان خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالشرع في الرابع من فبراير 2025، أكد أن بلاده تهدف إلى تعزيز العلاقات مع سوريا في جميع المجالات، بدءًا من التجارة والطاقة، وصولًا إلى الطيران المدني والصحة والتعليم. كما أشار إلى أن العقوبات المفروضة على سوريا في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد ستشهد تخفيفًا في المرحلة القادمة بفضل المبادرات التركية.
قرار رفع القيود من زاوية سورية
من جانبه، عبر مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، مازن علوش، عن شكره لوزير التجارة التركي على رفع القيود التجارية، معتبراً أن هذه الخطوة تعكس عمق العلاقات التجارية بين البلدين، وأنها ستساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما.
الفرص المستقبلية
المحلل الاقتصادي جلال بكار، أشار إلى أن الحكومة السورية الجديدة تسعى إلى دعم الإنتاج المحلي وتوفير أسواق للمنتجات السورية في تركيا وأوروبا. وفقًا لبكار، يعتمد الاقتصاد السوري على النموذج الإنتاجي كركيزة أساسية لدعمه، حيث يرى أن الاقتصاد الذي يملك الإنتاج هو الذي لا يواجه خطرًا طويل الأمد. ويرى بكار أن القرار يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي في سوريا، خاصة في قطاع الصناعة، ما سيجذب الاستثمارات الأجنبية في المستقبل.
التحديات الاقتصادية
لكن رغم هذه الفرص، هناك تحديات كبيرة في الطريق. الخبير الاقتصادي خالد التركاوي أشار إلى أن البضائع السورية قد لا تكون قادرة على منافسة المنتجات الأخرى في الخارج بسبب ضعف جودتها، خاصة في قطاعات مثل الملابس والمنظفات. وأوضح التركاوي أن المنتجات السورية التي قد تستفيد من هذا القرار ستكون على الأرجح تلك الزراعية، مثل الفواكه والخضراوات، التي لا تحتاج إلى نقل معقد.
وفي السياق نفسه، أكد المحلل الاقتصادي فراس شعبو أن هذا القرار جيد على المدى الطويل، لكنه يواجه تحديات في الوضع الاقتصادي السوري الحالي، خاصة مع تردي الوضع الاقتصادي وعدم استقرار الليرة السورية. وأوضح شعبو أن القرار سيساعد على حل بعض المشكلات التي واجهها المصدرون في الماضي، مثل مشكلة “بلد المنشأ” التي كانت تفرض رسومًا مرتفعة على المنتجات السورية المصدرة عبر تركيا.
التصدير السوري إلى تركيا
خلال السنوات الماضية، تركزت صادرات الشمال السوري إلى تركيا بشكل رئيسي على الزيوت الحيوانية والنباتية، القطن، والحبوب. وتشير التقارير الاقتصادية التركية إلى أن هذا الاتجاه سيتواصل في المستقبل، حيث من المتوقع أن تكون أبرز المنتجات المصدرة من سوريا إلى تركيا هي المنتجات الحرفية والزراعية، بالنظر إلى تراجع مستوى التصنيع في سوريا بسبب الأزمات التي مر بها البلد.
تأثير القرار على الاقتصاد التركي
من المتوقع أن تكون تركيا المستفيد الأكبر من هذا القرار، حيث أن السوق السوري يعاني من تعطل كبير في إنتاج السلع بسبب ارتفاع التكاليف وغياب البنية التحتية اللازمة. وقال شعبو إن هذا القرار سيساهم في فتح الأسواق السورية أمام البضائع التركية، مما سيؤدي إلى منافسة شديدة للمنتجات السورية في مجالات مثل البناء، الحديد، الأسمنت، والنسيج.
آفاق التجارة المستقبلية بين البلدين
تسعى تركيا إلى زيادة حجم تجارتها مع سوريا إلى 10 مليارات دولار على المدى القصير والمتوسط، وفقًا لتصريحات رئيس مجلس الأعمال التركي-السوري. وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين قد وصل في عام 2024 إلى 2.5 مليار دولار بعد أن كان نحو 300 مليون دولار قبل 2011.
خلاصة
في ضوء هذه التطورات، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد السوري تحسنًا تدريجيًا بفضل رفع القيود التجارية مع تركيا، على الرغم من التحديات التي تواجهه. ومن المتوقع أن يكون هذا القرار بداية لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث من المحتمل أن تحفز هذه الخطوة النمو الاقتصادي في سوريا وتساهم في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين على المدى الطويل.