انتخابات تشريعية مرتقبة في سوريا: لأول مجلس شعب شرعي خلال 90 يوماً

انتخابات تشريعية مرتقبة في سوريا:في خطوة وُصفت بالمفصلية ضمن المسار الانتقالي السوري، أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب انطلاق المرحلة التأسيسية لتشكيل أول سلطة تشريعية بعد عقود من التهميش والتزوير، في انتخابات استثنائية يُفترض أن تُفضي إلى مجلس يمثل السوريين في الداخل والشتات خلال أقل من 90 يوماً.

بداية مسار تشريعي جديد

رئيس اللجنة، محمد طه الأحمد، أكد خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر مجلس الشعب أن هذه الانتخابات ليست تقليدية، بل تأتي استجابة لحاجة وطنية ملحة ولخصوصية المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد. وقال الأحمد: “نؤسس اليوم لأول مجلس حقيقي يمثل جميع السوريين، ليكون جزءاً من بناء دولة القانون والمواطنة لا دولة التعليمات والامتيازات”.

وأشار إلى أن المجلس الجديد سيُبنى على قاعدة شرعية وتوافقية، تضمن التمثيل الواسع مع الحفاظ على معايير الكفاءة، في ظل ما وصفه بتحديات كبيرة، من تهجير واسع النطاق وغياب الوثائق الرسمية، إلى مخاوف من محاولات اختراق من أدوات النظام السابق.

نظام انتخابي مؤقت.. 70% للكفاءات و30% للوجهاء

وأوضح الأحمد أن اللجنة تعمل حالياً على إعداد مسودة نظام انتخابي مؤقت يراعي التوازن بين الكفاءة والتمثيل المجتمعي دون إقصاء، مبيناً أن الهيئات الناخبة ستُشكَّل على أساس فئتين:

• فئة الكفاءات بنسبة 70% من المقاعد.

• فئة الوجهاء والأعيان بنسبة 30%.

وستُوزّع المقاعد أولاً على مستوى المحافظات، ثم تُقسَّم داخلياً حسب المناطق وفقاً للتعداد السكاني. وأكد أن النظام سيتضمن آليات تسمح بتمثيل كل المكونات الاجتماعية، بما فيها المهجرون وسكان المخيمات والمواطنون في المناطق الخارجة عن السيطرة الكاملة للدولة، من خلال آليات محلية متفق عليها مع وجهاء المجتمع.

زيارات ميدانية واستطلاع شعبي

تعتزم اللجنة العليا تنفيذ جولات في جميع المحافظات، بدءاً من دمشق، للقاء الفاعلين المحليين من إدارات ومؤسسات مجتمع مدني ووجهاء، بهدف استمزاج الرأي حول النسخة الأولية للنظام الانتخابي المؤقت، والجدول الزمني للانتخابات، والشروط المطلوبة للترشح.

وبحسب الأحمد، سيتم تشكيل لجان فرعية في كل محافظة، تُكلّف باختيار الهيئات الناخبة، بحيث تضم كل لجنة من 30 إلى 50 ناخباً لكل مقعد، ويتم الإعلان عن أسماء هذه الهيئات بشكل علني، مع فتح باب الطعون والاعتراضات عليها، قبل الانتقال إلى مرحلة الترشح والحملات الانتخابية.

مراحل منظمة للانتخابات

تتضمن العملية الانتخابية مراحل متتالية تبدأ بإقرار النظام الانتخابي، ثم تشكيل الهيئات الناخبة، يليها فتح باب الترشح، فالحملات الانتخابية، ثم الاقتراع، فالنتائج الأولية، وصولاً إلى الطعون، ثم إعلان القائمة النهائية للنواب.

ومن المقرر أن تُعقد الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب الجديد بدعوة من رئيس اللجنة، الذي سيرأسها مؤقتاً حتى انتخاب رئاسة المجلس، إيذاناً بانطلاق أعماله رسمياً كأول مؤسسة تشريعية منتخبة في سوريا الجديدة.

معايير صارمة للترشح

من جانبه، أكد المتحدث الإعلامي باسم اللجنة، الدكتور نوار نجمة، أن العمل يجري بتكليف مباشر من رئيس الجمهورية أحمد الشرع، وأن الهدف هو تأسيس سلطة تشريعية حقيقية تشرّع باسم جميع السوريين.

وأشار نجمة إلى أن اختيار أعضاء الهيئات الناخبة واللجان الفرعية يخضع لمعايير واضحة، تشمل حسن السيرة، عدم وجود سوابق جنائية، والمؤهلات العلمية لفئة الكفاءات، إضافة إلى المعايير المجتمعية لفئة الوجهاء الذين يؤدون أدواراً بارزة رغم عدم امتلاكهم لشهادات أكاديمية.

وشدد على أن اللجنة تلتزم بأقصى درجات الشفافية والعدالة، مشيراً إلى أن الانتخابات ستُجرى، قدر الإمكان، في جميع المحافظات بما فيها دير الزور والرقة والحسكة، وفي حال تعذر ذلك سيتم اللجوء إلى آليات بديلة بالتشاور مع المجتمع المحلي.

مجلس لكل السوريين

في ختام المؤتمر، شددت اللجنة على أن هدفها ليس فقط تشكيل مجلس شعب، بل “إعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية والتشريعية”، مؤكدة أن المجلس الجديد سيضم ممثلين عن كافة المكونات السورية، بعيداً عن الانقسامات الطائفية أو السياسية، وضمن مقاربة تعكس تطلعات المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد.

إقراء المزيد

برنامج إيران النووي وتأثيره الإقليمي: مقارنة لمسارات خمس دول نحو القنبلة

تصعيد التوتر بين إسرائيل وإيران.. الولايات المتحدة تعزز قواتها الجوية في الشرق الأوسط

درعا والقنيطرة تحت النار: كيف أصبحت بوابة للصواريخ والمسيّرات الإيرانية؟

اعتقال رئيس أمن الدولة في دير الزور بتهم جرائم حرب وسرقة نفط

هل تتحول إيران إلى تشيرنوبيل جديدة؟ خبراء يحذرون الشرق الأوسط على حافة إشعاع نووي